فصل: باب توقيت مدة المسح‏‏

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب اشتراط الطهارة قبل اللبس

1- عن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ ‏(‏كنت مع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ذات ليلة في مسير فأفرغت عليه من الإدواة فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح برأسه ثم أهويت لأنزع خفيه فقال‏:‏ دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما‏)‏‏.‏

متفق عليه ولأبي داود‏:‏ ‏(‏دع الخفين فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فمسح عليهما‏)‏‏.‏

2- وعن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ ‏(‏قلنا يا رسول اللَّه أيمسح أحدنا على الخفين قال‏:‏ نعم إذا أدخلهما وهما طاهرتان‏)‏‏.‏

رواه الحميدي في مسنده‏.‏

حديث المغيرة ورد بألفاظ في الصحيحين وغيرهما هذا أحدها وقد ذكرنا فيما سلف أنه رواه ستون صحابيًا كما صرح به البزار وأنه في غزوة تبوك وهي بعد المائدة بالاتفاق‏.‏ وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه‏.‏ وفي الباب عن علي بن أبي طالب عند أبي داود وعمر بن الخطاب رضي اللَّه عنه عند ابن أبي شيبة‏.‏

قوله ‏(‏ثم أهويت‏)‏ أي مددت يدي قال الأصمعي‏:‏ أهويت بالشيء إذا أومأت به وقال غيره‏:‏ أهويت قصدت الهوي من القيام إلى القعود وقيل الإهواء الإمالة‏.‏

قوله ‏(‏فإني أدخلتهما طاهرتين‏)‏ هو يدل على اشتراط الطهارة في اللبس لتعليله عدم النزع بإدخالهما طاهرتين وهو مقتض أن إدخالهما غير طاهرتين يقتضي النزع‏.‏

وقد ذهب إلى ذلك الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة وسفيان الثوري ويحيى بن آدم والمزني وأبو ثور وداود‏:‏ يجوز اللبس على حدث ثم يكمل طهارته والجمهور حملوا الطهارة على الشرعية وخالفهم داود فقال المراد إذا لم يكن على رجليه نجاسة‏.‏

وقد استدل به على أن إكمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح صرح بذلك النووي وغيره‏.‏

قال في الفتح‏:‏ عند الأكثر وأجاز الثوري والكوفيون والمزني ومطرف وابن المنذر وغيرهم أنه يجزئ المسح إذا غسل إحداهما وأدخلها الخف ثم الأخرى لصدق أنه أدخل كلا من رجليه الخف وهي طاهرة وتعقب بأن الحكم المرتب على التثنية غير الحكم المرتب على الواحدة واستضعفه ابن دقيق العيد لأن الاحتمال باق قال‏:‏ لكن إن ضم إليه دليل يدل على أن الطهارة لا تتبعض اتجه وصرح بأنه لا يمتنع أن يعبر بهذه العبارة عن كون كل واحدة منهما أدخلت طاهرة قال‏:‏ بل ربما يدعى أنه طاهر في ذلك فإن الضمير في قوله ‏(‏أدخلتهما‏)‏ يقتضي تعليق الحكم بكل واحدة منهما نعم من روى فإني أدخلتهما وهما طاهرتان قد يتمسك بروايته هذا القائل من حيث أن قوله أدخلتهما يقتضي كل واحدة منهما فقوله وهما طاهرتان يصير حالًا من كل واحدة فيكون التقدير أدخلت كل واحدة منهما حال طهارتهما‏.‏

3 - وعن أبي هريرة‏:‏ ‏(‏أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم توضأ ومسح على خفيه فقلت‏:‏ يا رسول اللَّه رجليك لم تغسلهما قال‏:‏ إني أدخلتهما وهما طاهرتان‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

4- وعن صفوان بن عسال قال‏:‏ ‏(‏أمرنا يعني النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثًا إذا سافرنا ويومًا وليلة إذا أقمنا ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم ولا نخلعهما إلا من جنابة‏)‏‏.‏

رواه أحمد وابن خزيمة‏.‏ وقال الخطابي‏:‏ هو صحيح الإسناد‏.‏

الحديث الأول قال في مجمع الزوائد‏:‏ في إسناده رجل لم يسم وقد تقدم الكلام على فقهه‏.‏

والحديث الثاني أخرجه أيضًا النسائي والترمذي وابن خزيمة وصححاه ورواه الشافعي وابن ماجه وابن حبان والدارقطني والبيهقي‏.‏

وحكى الترمذي عن البخاري أنه حديث حسن ومداره على عاصم بن أبي النجود وهو صدوق سيء الحفظ وقد تابعه جماعة ورواه عنه أكثر من أربعين نفسًا قاله ابن منده‏.‏

والحديث يدل على توقيت المسح بالثلاثة الأيام للمسافر واليوم والليلة للمقيم‏.‏

وقد اختلف الناس في ذلك فقال مالك والليث بن سعد‏:‏ لا وقت للمسح على الخفين ومن لبس خفيه وهو طاهر مسح ما بدا له والمسافر والمقيم في ذلك سواء‏.‏

وروي مثل ذلك عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وعبد اللَّه بن عمر والحسن البصري‏.‏ وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والحسن بن صالح بن حي والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود الظاهري ومحمد بن جرير الطبري بالتوقيت للمقيم يومًا وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن‏.‏

قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي‏:‏ وثبت التوقيت عن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وحذيفة والمغيرة وأبي زيد الأنصاري هؤلاء من الصحابة‏.‏

وروي عن جماعة من التابعين منهم شريح القاضي وعطاء بن أبي رباح والشعبي وعمر بن عبد العزيز قال أبو عمر ابن عبد البر‏:‏ وأكثر التابعين والفقهاء على ذلك وهو الأحوط عندي لأن المسح ثبت بالتواتر واتفق عليه أهل السنة والجماعة واطمأنت النفس إلى اتفاقهم فلما قال أكثرهم لا يجوز المسح للمقيم أكثر من خمس صلوات يوم وليلة ولا يجوز للمسافر أكثر من خمس عشرة صلاة ثلاثة أيام ولياليها فالواجب على العالم أن يؤدي صلاته بيقين واليقين الغسل حتى يجمعوا على المسح ولم يجمعوا فوق الثلاث للمسافر ولا فوق اليوم للمقيم اهـ‏.‏

وحديث الباب يدل على ما قاله الآخرون ويرد مذهب الأولين‏.‏ وكذلك حديث أبي بكرة‏.‏ وحديث علي‏.‏ وحديث خزيمة بن ثابت الآتي في هذا الكتاب‏.‏

وفي الباب أحاديث عن غيرهم ولعل متمسك أهل القول الأول ما أخرجه أبو داود من حديث أبي بن عمارة ‏(‏أنه قال لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أمسح على الخفين قال‏:‏ نعم قال‏:‏ يومًا قال‏:‏ ويومين قال‏:‏ وثلاثة أيام قال‏:‏ نعم وما شئت‏)‏ وفي رواية‏:‏ ‏(‏حتى بلغ سبعًا قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ نعم وما بدا لك‏)‏‏.‏

قال أبو داود‏:‏ وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي‏.‏ وقال البخاري نحوه‏.‏ وقال الإمام أحمد‏:‏ رجاله لا يعرفون‏.‏ وأخرجه الدارقطني وقال‏:‏ هذا إسناد لا يثبت وفي إسناده ثلاثة مجاهيل عبد الرحمن‏.‏ ومحمد بن يزيد‏.‏ وأيوب بن قطن‏.‏ ومع هذا فقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافًا كثيرًا‏.‏

وقال ابن حبان‏:‏ لست أعتمد على إسناد خبره‏.‏ وقال ابن عبد البر‏:‏ لا يثبت وليس له إسناد قائم وبالغ الجوزقاني فذكره في الموضوعات وما كان بهذه المرتبة لا يصلح للاحتجاج به على فرض عدم المعارض فالحق توقيت المسح بالثلاث للمسافر واليوم والليلة للمقيم‏.‏

وفي الحديث دليل على أن الخفاف لا تنزع في هذه المدة المقدرة لشيء من الأحداث إلا للجنابة‏.‏

5- وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ‏(‏أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يومًا وليلة إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما‏)‏‏.‏

رواه الأثرم في سننه وابن خزيمة والدارقطني قال الخطابي‏:‏ هو صحيح الإسناد‏.‏

الحديث أخرجه الشافعي وابن أبي شيبة وابن حبان وابن الجارود والبيهقي والترمذي في العلل وصححه الشافعي وغيره قاله الحافظ في الفتح‏.‏ وكذلك نقل البيهقي عن الشافعي وصححه ابن خزيمة والحديث تقدم الكلام على فقهه في الذي قبله‏.‏

 باب توقيت مدة المسح‏

1- قد أسلفنا فيه عن صفوان وأبي بكرة وروى شريح بن هانئ قال‏:‏ ‏(‏سألت عائشة رضي اللَّه عنها عن المسح على الخفين فقالت‏:‏ سل عليًا فإنه أعلم بهذا مني كان يسافر مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فسألته فقال‏:‏ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه‏.‏

2- وعن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ‏(‏أنه سئل عن المسح على الخفين فقال‏:‏ للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه‏.‏

قد قدمنا الكلام على حديث صفوان وأبي بكرة في الباب الأول‏.‏ وحديث علي أخرجه أيضًا الترمذي وابن حبان وحديث خزيمة بن ثابت أخرجه أيضًا ابن ماجه وابن حبان وفيه زيادة تركها المصنف وهي ثابتة عند أبي داود وابن ماجه وابن حبان وهي بلفظ‏:‏ ‏(‏ولو استزدناه لزادنا‏)‏ وفي لفظ‏:‏ ‏(‏ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسًا‏)‏ وأخرجه الترمذي بدون الزيادة قال الترمذي‏:‏ قال البخاري لا يصح عندي لأنه لا يعرف للجدلي سماع من خزيمة وذكر عن يحيى بن معين أنه قال‏:‏ هو صحيح‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ الروايات متضافرة متكاثرة برواية التيمي له عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة‏.‏

وقال ابن أبي حاتم في العلل‏:‏ قال أبو زرعة الصحيح من حديث التيمي عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة مرفوعًا والصحيح عن النخعي عن الجدلي بلا واسطة‏.‏ وادعى النووي في شرح المهذب الاتفاق على ضعف هذا الحديث‏.‏ قال الحافظ‏:‏ وتصحيح ابن حبان له يرد عليه‏.‏

والحديثان يدلان على توقيت المسح بثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم وقد ذكرنا الخلاف فيه وما هو الحق في الباب الذي قبل هذا‏.‏ والزيادة التي لم يذكرها المصنف في حديث خزيمة تصلح للاستدلال بها على مذهب من لم يحد المسح بوقت لولا ما عارض تصحيح ابن حبان لها من الاتفاق ممن عداه على ضعفها‏.‏ وأيضًا قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي‏:‏ لو ثبتت لم تقم بها حجة لأن الزيادة على ذلك التوقيت مظنونة إنهم لو سألوا زادهم وهذا صريح في أنهم لم يسألوا ولا زيدوا فكيف تثبت زيادة بخبر دل على عدم وقوعها اهـ‏.‏

وغايتها بعد تسليم صحتها أن الصحابي ظن ذلك ولم نتعبد بمثل هذا ولا قال أحد أنه حجة‏.‏ وقد ورد توقيت المسح بالثلاث واليوم والليلة من طريق جماعة من الصحابة ولم يظنوا ما ظنه خزيمة‏.‏ وورد ذكر المسح بدون توقيت عن جماعة منهم أنس بن مالك عند الدارقطني وذكره الحاكم وقال‏:‏ قد روي عن أنس مرفوعًا بإسناد صحيح رواته عن آخرهم ثقات‏.‏ وعن ميمونة بنت الحارث الهلالية زوج النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم عند الدارقطني أيضًا‏.‏

 باب اختصاص المسح بظهر الخف

1- عن علي رضي اللَّه عنه قال‏:‏ ‏(‏لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولي بالمسح من أعلاه لقد رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يمسح على ظاهر خفيه‏)‏‏.‏

رواه أبو داود والدارقطني‏.‏

الحديث قال الحافظ في بلوغ المرام‏:‏ إسناده حسن وقال في التلخيص‏:‏ إسناده صحيح قلت‏:‏ وفي إسناده عبد خير بن يزيد الهمداني وثقه يحيى بن معين وأحمد بن عبد اللَّه العجلي‏.‏

وأما قول البيهقي لم يحتج به صاحبا الصحيح فليس بقادح بالاتفاق‏.‏

والحديث يدل على أن المسح المشروع هو مسح ظاهر الخف دون باطنه وإليه ذهب الثوري وأبو حنيفة والأوزاعي وأحمد بن حنبل‏.‏ وذهب مالك والشافعي وأصحابهما والزهري وابن المبارك وروي عن سعد بن أبي وقاص وعمر بن عبد العزيز إلى أنه يمسح ظهورهما وبطونهما قال مالك والشافعي‏:‏ إن مسح ظهورهما دون بطونهما أجزأه قال مالك‏:‏ من مسح باطن الخفين دون ظاهرهما لم يجزه وكان عليه الإعادة في الوقت وبعده‏.‏ وروي عنه غير ذلك‏.‏ والمشهور عن الشافعي أن من مسح ظهورهما واقتصر على ذلك أجزأه ومن مسح باطنهما دون ظاهرهما لم يجزه وليس بماسح‏.‏

وقال ابن شهاب وهو قول للشافعي‏:‏ إن من مسح بطونهما ولم يمسح ظهورهما أجزأه والواجب عند أبي حنيفة مسح قدر ثلاث أصابع من أصابع اليد وعند أحمد مسح أكثر الخف وروي عن الشافعي أن الواجب ما يسمى مسحًا‏.‏

قال الحافظ في التلخيص‏:‏ لما ذكر علي عليه السلام والمحفوظ عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله كذا رواه الشافعي والبيهقي وروى عنه في صفة ذلك أنه كان يضع كفه اليسرى تحت العقب واليمنى على ظاهر الأصابع ويمر اليسرى على أطراف الأصابع من أسفل واليمنى إلى الساق‏.‏

واستدل من قال بمسح ظاهر الخف وباطنه بحديث المغيرة المذكور في آخر هذا الباب وفيه مقال سنذكره عند ذكره‏.‏

وليس بين الحديثين تعارض غاية الأمر أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح تارة على باطن الخف وظاهره وتارة اقتصر على ظاهره ولم يرو عنه ما يقضي بالمنع من إحدى الصفتين فكان جميع ذلك جائزًا وسنة‏.‏

2- وعن المغيرة بن شعبة قال‏:‏ ‏(‏رأيت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يمسح على ظهور الخفين‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود والترمذي ولفظه‏:‏ ‏(‏على الخفين على ظاهرهما‏)‏‏.‏ وقال‏:‏ حديث حسن‏.‏

الحديث قال البخاري في التاريخ‏:‏ هو بهذا اللفظ أصح من حديث رجاء بن حيوة الآتي‏.‏ وفي الباب عن عمر بن الخطاب عند ابن أبي شيبة والبيهقي‏.‏

واستدل بالحديث من قال بمسح ظاهر الخف وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله‏.‏

3- وعن ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مسح أعلى الخف وأسفله‏)‏‏.‏

رواه الخمسة إلا النسائي‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم وسألت أبا زرعة ومحمدًا عن هذا الحديث فقالا‏:‏ ليس بصحيح‏.‏

الحديث أخرجه الدارقطني والبيهقي وابن الجارود‏.‏ وقال الأثرم عن أحمد إنه كان يضعفه ويقول ذكرته لعبد الرحمن ابن مهدي فقال عن ابن المبارك عن ثور حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة ولم يذكر المغيرة قال أحمد‏:‏ وقد كان نعيم بن حماد حدثني به عن ابن المبارك كما حدثني الوليد بن مسلم به عن ثور فقلت له‏:‏ إنما يقول هذا الوليد وأما ابن المبارك فيقول حدثت عن رجاء ولم يذكر المغيرة فقال لي نعيم‏:‏ هذا حديثي الذي أسأل عنه فأخرج إلي كتابه القديم بخط عتيق فإذا فيه ملحق بين السطرين بخط ليس بالقديم عن المغيرة فأوقفته عليه وأخبرته أن هذه زيادة في الإسناد لا أصل لها فجعل يقول للناس بعد وأنا أسمع اضربوا على هذا الحديث‏.‏

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة‏:‏ حديث الوليد ليس بمحفوظ‏.‏ وقال موسى بن هارون‏:‏ لم يسمعه ثور من رجاء ورواه أبو داود الطيالسي عن عروة بن المغيرة عن أبيه‏:‏ وكذا أخرجه البيهقي قال الحافظ بعد أن ذكر قول الترمذي‏:‏ إنه لم يسنده عن ثور غير الوليد‏.‏ قلت‏:‏ رواه الشافعي في الأم عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى عن ثور مثل الوليد‏.‏ قال أبو داود‏:‏ لم يسمعه ثور من رجاء وقد وقع في سنن الدارقطني من طريق داود بن رشيد تصريح ثور بأنه حدثه رجاء قال الحافظ‏:‏ وهذا ظاهره أن ثور سمعه من رجاء فتزول العلة ولكن رواه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده من طريقه فقال عن ثور عن رجاء فهذا اختلاف على داود يمنع من القول بصحة وصله مع ما تقدم من كلام الأئمة‏.‏

والحديث استدل به من قال بمسح أعلى الخف وأسفله وتقدم الكلام على ذلك‏.‏

 

أبواب نواقض الوضوء

 

باب الوضوء بالخارج من السبيل

1- عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ ‏(‏لا يقبل اللَّه صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ فقال رجل من أهل حضرموت‏:‏ ما الحدث يا أبا هريرة قال‏:‏ فساء أو ضراط‏)‏‏.‏

متفق عليه وفي حديث صفوان في المسح لكن من غائط وبول ونوم وسنذكره‏.‏

قوله ‏(‏لا يقبل‏)‏ المراد بالقبول هنا وقوع الطاعة مجزئة رافعة لما في الذمة وهو معنى الصحة لأنها ترتب الآثار أو سقوط القضاء على الخلاف‏.‏ وترتب الآثار موافقة الأمر ولما كان الإتيان بشروط الطاعة مظنة إجزائها وكان القبول من ثمراته عبر عنه به مجازًا‏.‏ فالمراد بلا تقبل لا تجزئ‏.‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ وأما القبول المنفي في مثل قوله صلى اللَّه عليه وآله وسلم ‏(‏من أتى عرافًا لم تقبل له صلاة‏)‏ فهو الحقيقي لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع ولهذا كان بعض السلف يقول‏:‏ لأن تقبل لي صلاة واحدة أحب إليَّ من جميع الدنيا قاله ابن عمر قال‏:‏ لأن اللَّه تعالى قال ‏{‏إنما يتقبل اللَّه من المتقين‏}‏ ومن فسر الإجزاء بمطابقة الأمر والقبول بترتب الثواب لم يتم له الاستدلال بالحديث على نفي الصحة لأن القبول أخص من الصحة على هذا فكل مقبول صحيح وليس كل صحيح مقبولًا‏.‏

قال ابن دقيق العيد‏:‏ إلا أن يقال دل الدليل على كون المقبول من لوازم الصحة فإذا انتفى انتفت فيصح الاستدلال بنفي القبول على نفي الصحة ويحتاج في الأحاديث التي نفى عنها القبول مع بقاء الصحة كحديث ‏(‏لا يقبل اللَّه صلاة حائض إلا بخمار‏)‏ عند أبي داود والترمذي وحديث ‏(‏إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة‏)‏ عند مسلم وحديث ‏(‏من أتى عرافًا‏)‏ عند أحمد والبخاري‏.‏ وفي شارب الخمر عند الطبراني إلى تأويل أو تخريج جواب قال‏:‏ على أنه يرد على من فسر القبول بكون العبادة مثابًا عليها أو مرضية أو ما أشبه ذلك إذا كان مقصوده بذلك أنه لا يلزم من نفي القبول نفي الصحة أن يقال القواعد الشرعية أن العبادة إذا أتى بها مطابقة للأمر كانت سببًا للثواب والدرجات والإجزاء والظواهر في ذلك لا تحصى‏.‏

قوله ‏(‏إذا أحدث‏)‏ المراد بالحدث الخارج من أحد السبيلين وإنما فسره أبو هريرة بأخص من ذلك تنبيهًا بالأخف على الأغلظ ولأنهما قد يقعان في الصلاة أكثر من غيرهما وهذا أحد معاني الحدث‏.‏ الثاني خروج ذلك الخارج‏.‏ الثالث منع الشارع من قربان العبادة المرتب على ذلك الخروج وإنما كان الأول هو المراد هنا لتفسير أبي هريرة له بنفس الخارج لا بالخروج ولا بالمنع‏.‏

والحديث استدل به على أن ما عدا الخارج من السبيلين كالقيء والحجامة ولمس الذكر غير ناقض ولكنه استدلال بتفسير أبي هريرة وليس بحجة على خلاف في الأصول‏.‏

واستدل به على أن الوضوء لا يجب لكل صلاة لأنه جعل نفي القبول ممتدًا إلى غاية هي الوضوء وما بعد الغاية مخالف لما قبلها فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد الوضوء مطلقًا وتدخل تحته الصلاة الثانية قبل الوضوء لها ثانيًا قاله ابن دقيق العيد‏.‏ واستدل به على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه اختياريًا أو اضطراريًا‏.‏

قوله ‏(‏وفي حديث صفوان‏)‏ ذكره المصنف ههنا لمطابقته للترجمة لما فيه من ذكر البول والغائط وذكره في باب الوضوء من النوم لما فيه من ذكر النوم‏.‏

 باب الوضوء من الخارج النجس من غير السبيلين

1- عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قاء فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت له ذلك فقال‏:‏ صدق أنا صببت له وضوءه‏)‏‏.‏

رواه أحمد والترمذي وقال‏:‏ هو أصح شيء في هذا الباب‏.‏

الحديث هو عند أحمد وأصحاب السنن الثلاث وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم بلفظ‏:‏ ‏(‏أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قاء فأفطر‏)‏‏.‏ قال معدان‏:‏ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق فقلت له‏:‏ أن أبا الدرداء أخبرني فذكره فقال‏:‏ صدق أنا صببت عليه وضوء‏.‏ قال ابن منده‏:‏ إسناده صحيح متصل وتركه الشيخان لاختلاف في إسناده قال الترمذي‏:‏ جوده حسين المعلم وكذا قال أحمد وفيه اختلاف كثير ذكره الطبراني وغيره قال البيهقي‏:‏ هذا حديث مختلف في إسناده فإن صح فهو محمول على القيء عامدًا وقال في موضع آخر‏:‏ إسناده مضطرب ولا تقوم به حجة وهو باللفظ الذي ذكره المصنف في جامع الأصول والتيسير منسوبًا إلى أبي داود والترمذي‏.‏

والحديث استدل به على أن القيء من نواقض الوضوء وقد ذهب إلى ذلك العترة وأبو حنيفة وأصحابه وقيدوه بقيود‏:‏ الأول كونه من المعدة والثاني كونه ملء الفم والثالث كونه دفعة واحدة‏.‏ وذهب الشافعي وأصحابه والناصر والباقر والصادق إلى أنه غير ناقض‏.‏ وأجابوا عن الحديث بأن المراد بالوضوء غسل اليدين ويرد بأن الوضوء من الحقائق الشرعية وهو فيها لغسل أعضاء الوضوء وغسل بعضها مجاز فلا يصار إليه إلا بعلاقة وقرينة قالوا‏:‏ القرينة أنه استقاء بيده كما ثبت في بعض الألفاظ والعلاقة ظاهرة‏.‏ وأجابوا أيضًا بأنه فعل وهو لا ينتهض على الوجوب‏.‏

واستدل الأولون أيضًا بحديث إسماعيل بن عياش الآتي بعد هذا وسيأتي أنه لا يصلح لذلك لما فيه من المقال الذي سنذكره واستدلوا بما في كتب الأئمة من حديث علي ‏(‏الوضوء كتبه اللَّه علينا من الحدث قال صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ بل من سبع‏)‏ وفيها ‏(‏ودسعة تملأ الفم‏)‏ قالوا‏:‏ معارض بما في كتب الأئمة أيضًا في الانتصار والبحر وغيرهما من حديث ثوبان قال‏:‏ ‏(‏قلت يا رسول اللَّه هل يجب الوضوء من القيء قال‏:‏ لو كان واجبًا لوجدته في كتاب اللَّه‏)‏ قال في البحر‏:‏ قلنا مفهوم وحديثنا منطوق ولعله متقدم انتهى‏.‏ والجواب الأول صحيح ولكنه لا يفيد إلا بعد تصحيح الحديث والجواب الثاني ‏[‏وهو أن العمل لا ينتهض على الوجوب‏]‏‏.‏ من الأجوبة التي لا تقع لمنصف ولا متيقظ فإن كل أحد لا يعجز عن مثل هذه المقالة وهي غير نافقة في أسواق المناظرة وقد كثرت أمثال هذه العبارة في ذلك الكتاب‏.‏

2- وعن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت‏:‏ ‏(‏قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم‏)‏‏.‏

رواه ابن ماجه والدارقطني وقال الحافظ‏:‏ من أصحاب ابن جريج يروونه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم مرسلًا‏.‏

الحديث أعله غير واحد بأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن ابن جريج وهو حجازي‏.‏ ورواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة وقد خالفه الحفاظ من أصحاب ابن جريج فرووه مرسلا كما قال المصنف وصحح هذه الطريقة المرسلة الذهلي والدارقطني في العلل وأبو حاتم وقال‏:‏ رواية إسماعيل خطأ‏.‏ وقال ابن معين‏:‏ حديث ضعيف وقال أحمد‏:‏ الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏ ورواه الدارقطني من حديث إسماعيل بن عياش أيضًا عن عطاء بن عجلان وعباد بن كثير عن ابن أبي مليكة عن عائشة وقال بعده‏:‏ عطاء وعباد ضعيفان‏.‏ وقال البيهقي‏:‏ الصواب إرساله وقد رفعه أيضًا سليمان بن أرقم وهو متروك‏.‏

وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني وابن عدي والطبراني بلفظ‏:‏ ‏(‏إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه وليستقبل صلاته‏)‏ قال الحافظ‏:‏ وفيه سليمان بن أرقم وهو متروك‏.‏

وعن أبي سعيد عند الدارقطني بلفظ‏:‏ ‏(‏إذا قاء أحدكم أو رعف وهو في الصلاة أو أحدث فلينصرف فليتوضأ ثم ليجيء فليبن على ما مضى‏)‏ وفيه أبو بكر الزاهري وهو متروك‏.‏ ورواه عبد الرزاق في مصنفه موقوفًا على علي وإسناده حسن قاله الحافظ‏.‏ وعن سلمان نحوه‏.‏ وعن ابن عمر عند مالك في الموطأ‏:‏ ‏(‏أنه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلم ثم يرجع ويبني‏)‏ وروى الشافعي من قوله نحوه‏.‏

قوله ‏(‏قلس‏)‏ هو بفتح القاف واللام ويروى بسكونها قال الخليل‏:‏ هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو دونه وليس بقيء وإن عاد فهو القيء‏.‏ وفي النهاية القلس ما خرج من الجوف ثم ذكر مثل كلام الخليل‏.‏

والحديث استدل به على أن القيء والرعاف والقلس والمذي نواقض للوضوء وقد تقدم ذكر الخلاف في القيء والخلاف في القلس مثله‏.‏

وأما الرعاف فهو ناقض للوضوء وقد ذهب إلى أن الدم من نواقض الوضوء القاسمية وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل وإسحاق وقيدوه بالسيلان وذهب ابن عباس والناصر ومالك والشافعي وابن أبي أوفى وأبو هريرة وجابر بن زيد وابن المسيب ومكحول وربيعة إلى أنه غير ناقض‏.‏

استدل الأولون بحديث الباب ورد بأن فيه المقال المذكور واستدلوا بحديث ‏(‏بل من سبع‏)‏ الذي ذكرناه في الحديث الذي قبل هذا ورد بأنه لم يثبت عند أحد من أئمة الحديث المعتبرين‏.‏ وبالمعارضة بحديث أنس الذي سيأتي‏.‏ وأجيب بأن حديث أنس حكاية فعل لا يعارض القول ولكن هذا يتوقف على صحة القول ولم يصح‏.‏

وقد أخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه والبيهقي من حديث أبي هريرة ‏(‏لا وضوء إلا من صوت أو ريح‏)‏ قال البيهقي‏:‏ هذا حديث ثابت‏.‏ وقد اتفق الشيخان على إخراج معناه من حديث عبد اللَّه بن زيد ورواه أحمد والطبراني من حديث السائب بن خباب بلفظ‏:‏ ‏(‏لا وضوء إلا من ريح أو سماع‏)‏ وقال ابن أبي حاتم‏:‏ سمعت أبي وذكر حديث شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا‏:‏ ‏(‏لا وضوء إلا من صوت أو ريح‏)‏ فقال أبي‏:‏ هذا وهم اختصر شعبة متن الحديث وقال‏:‏ ‏(‏لا وضوء إلا من صوت أو ريح‏)‏ ورواه أصحاب سهيل بلفظ‏:‏ ‏(‏إذا كان أحدكم في الصلاة فوجد ريحًا من نفسه فلا يخرج حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا‏)‏ وشعبة إمام حافظ واسع الرواية وقد روى هذا اللفظ بهذه الصيغة المشتملة على الحصر ودينه وإمامته ومعرفته بلسان العرب يرد ما ذكره أبو حاتم فالواجب البقاء على البراءة الأصلية المعتضدة بهذه الكلية المستفادة من هذا الحديث فلا يصار إلى القول بأن الدم أو القيء ناقض إلا لدليل ناهض والجزم بالوجوب قبل صحة المستند كالجزم بالتحريم قبل صحة النقل والكل من التقول على اللَّه بما لم يقل‏.‏

ومن المؤيدات لما ذكرنا حديث ‏(‏إن عباد بن بشر أصيب بسهام وهو يصلي فاستمر في صلاته‏)‏ عند البخاري تعليقًا وأبي داود وابن خزيمة ويبعد أن لا يطلع النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم على مثل هذه الواقعة العظيمة ولم ينقل أنه أخبره بأن صلاته قد بطلت‏.‏

وأما المذي فقد صحت الأدلة في إيجابه للوضوء وقد أسلفنا الكلام على ذلك في باب ما جاء في المذي من أبواب تطهير النجاسة‏.‏

وفي الحديث دلالة على أن الصلاة لا تفسد على المصلي إذا سبقه الحدث ولم يتعمد خروجه‏.‏ وقد ذهب إلى ذلك أبو حنيفة وصاحباه ومالك‏.‏ وروي عن زيد بن علي وقديم قولي الشافعي والخلاف في ذلك للهادي والناصر والشافعي في أحد قوليه‏.‏ فإن تعمد خروجه فإجماع على أنه ناقض‏.‏ واستدل على النقض بحديث ‏(‏إذا فسا أحدكم فلينصرف وليتوضأ وليستأنف الصلاة‏)‏ أخرجه أبو داود ولعله يأتي في الصلاة إن شاء اللَّه تمام تحقيق البحث‏.‏

3 - وعن أنس قال‏:‏ ‏(‏احتجم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه‏)‏‏.‏

رواه الدارقطني‏.‏

الحديث رواه أيضًا البيهقي قال الحافظ‏:‏ وفي إسناده صالح بن مقاتل وهو ضعيف وادعى ابن العربي أن الدارقطني صححه وليس كذلك بل قال عقبه في السنن‏:‏ صالح بن مقاتل ليس بالقوي‏.‏ وذكره النووي في فصل الضعيف‏.‏

والحديث يدل على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء وقد تقدم الكلام عليه في الذي قبله قال المصنف رحمه اللَّه تعالى‏:‏ وقد صح عن جماعة من الصحابة ترك الوضوء من يسير الدم ويحمل حديث أنس عليه وما قبله على الكثير الفاحش كمذهب أحمد ومن وافقه جمعًا بينهما انتهى‏.‏

ويؤيد هذا الجمع ما أخرجه الدارقطني من حديث أبي هريرة مرفوعًا‏:‏ ‏(‏ليس في القطرة ولا في القطرتين من الدم وضوء إلا أن يكون دمًا سائلًا‏)‏ لكن فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك قال الحافظ‏:‏ وإسناده ضعيف جدًا‏.‏

ويؤيده أيضًا ما روي عن ابن عمر عند الشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي أنه عصر بثرة في وجهه فخرج شيء من دمه فحكه بين إصبعيه ثم صلى ولم يتوضأ‏.‏ وعلقه البخاري‏.‏ وعنه أيضًا ‏(‏كان إذا احتجم غسل أثر المحاجم‏)‏ ذكره في التلخيص لابن حجر‏.‏ وعن ابن عباس أنه قال‏:‏ ‏(‏اغسل أثر المحاجم عنك وحسبك‏)‏ رواه الشافعي‏.‏ وعن ابن أبي أوفى ذكره الشافعي ووصله البيهقي في المعرفة وكذا عن أبي هريرة موقوفًا‏.‏

وعن جابر علقه البخاري ووصله ابن خزيمة وأبو داود من طريق عقيل بن جابر عن أبيه وذكر قصة الرجلين اللذين حرسا فرمى أحدهما بسهم وهو يصلي وقد تقدم‏.‏

وعقيل بن جابر قال في الميزان‏:‏ فيه جهالة قال في الكاشف‏:‏ ذكره ابن حبان في الثقات وقد روي نحو ذلك عن عائشة قال الحافظ‏:‏ لم أقف عليه‏.‏ فهؤلاء الجماعة من الصحابة هم المرادون بقول المصنف‏.‏ وقد صح عن جماعة من الصحابة وقد عرفت ما هو الحق في شرح الحديث الذي قبل هذا‏.‏

 باب الوضوء من النوم لا اليسير منه على إحدى حالات الصلاة

1- عن صفوان بن عسال قال‏:‏ ‏(‏كان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يأمرنا إذا كنا سفرًا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن إلا من جنابة لكن من غائط وبول ونوم‏)‏‏.‏

رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه‏.‏

الحديث روي بهذا اللفظ وروي باللفظ الذي ذكره المصنف في باب اشتراط الطهارة قبل لبس الخف وقد ذكرنا هنالك أن مداره على عاصم بن أبي النجود وقد تابعه جماعة‏.‏

ومعنى قوله ‏(‏لكن من غائط وبول‏)‏ أي لا ننزع خفافنا من غائط وبول‏.‏

ولفظ الحديث في باب اشتراط الطهارة ولا نخلعهما من غائط ولا بول ولا نوم ولا نخلعهما إلا من جنابة فذكر الأحداث التي ينزع منها الخف والأحداث التي لا ينزع منها وعد من جملتها النوم فأشعر ذلك بأنه من نواقض الوضوء لا سيما بعد جعله مقترنًا بالبول والغائط الذين هما ناقضان بالإجماع وبالحديث استدل من قال بأن النوم ناقض‏.‏

وقد اختلف الناس في ذلك على مذاهب ثمانية ذكرها النووي في شرح مسلم‏:‏

‏[‏الأول‏]‏ أن النوم لا ينقض الوضوء على أي حال كان قال‏:‏ وهو محكي عن أبي موسى الأشعري وسعيد بن المسيب وأبي مجلز وحميد الأعرج والشيعة يعني الإمامية وزاد في البحر عمرو بن دينار واستدلوا بحديث أنس الآتي‏.‏

‏[‏المذهب الثاني‏]‏ أن النوم ينقض الوضوء بكل حال قليله وكثيره قال النووي‏:‏ وهو مذهب الحسن البصري والمزني وأبي عبيد القاسم بن سلام وإسحاق بن راهويه وهو قول غريب للشافعي قال ابن المنذر‏:‏ وبه أقول قال‏:‏ وروي معناه عن ابن عباس وأبي هريرة ونسبه في البحر إلى العترة إلا أنهم يستثنون الخفقة والخفقتين واستدلوا بحديث الباب وحديث علي ومعاوية وسيأتيان وفي حديث علي ‏[‏فمن نام فليتوضأ‏]‏ ولم يفرق فيه بين قليل النوم وكثيره‏.‏

‏[‏المذهب الثالث‏]‏ أن كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بكل حال قال النووي‏:‏ وهذا مذهب الزهري وربيعة والأوزاعي ومالك وأحمد في إحدى الروايتين عنه واستدلوا بحديث أنس الآتي فإنه محمول على القليل وحديث من استحق النوم فعليه الوضوء عند البيهقي أي استحق أن يسمى نائمًا فإن أريد بالقليل في هذا المذهب ما هو أعم من الخفقة والخفقتين فهو غير مذهب العترة وإن أريد به الخفقة والخفقتان فهو مذهبهم‏.‏

‏[‏المذهب الرابع‏]‏ إذا نام على هيئة من هيئات المصلي كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوءه سواء كان في الصلاة أو لم يكن وإن نام مضطجعًا أو مستلقيًا على قفاه انتقض قال النووي‏:‏ وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول للشافعي غريب واستدلوا بحديث ‏(‏إذا نام العبد في سجوده باهى اللَّه به الملائكة‏)‏ رواه البيهقي وقد ضعف‏.‏ وقاسوا سائر الهيئات التي للمصلي على السجود‏.‏

‏[‏المذهب الخامس‏]‏ أنه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد قال النووي‏:‏ وروي مثل هذا عن أحمد ولعل وجهه أن هيئة الركوع والسجود مظنة للانتقاض وقد ذكر هذا المذهب صاحب البدر التمام وصاحب سبل السلام بلفظ أنه ينقض إلا نوم الراكع والساجد بحذف لا واستدلاله بحديث إذا نام العبد في سجوده قالا وقاس الركوع على السجود والذي في شرح مسلم للنووي بلفظ أنه لا ينقض بإثبات لا فلينظر‏.‏

‏[‏المذهب السادس‏]‏ أنه لا ينقض إلا نوم الساجد قال النووي‏:‏ يروى أيضًا عن أحمد ولعل وجهه أن مظنة الانتقاض في السجود أشد منها في الركوع‏.‏

‏[‏المذهب السابع‏]‏ أنه لا ينقض النوم في الصلاة بكل حال وينقض خارج الصلاة ونسبه في البحر إلى زيد بن علي وأبي حنيفة واستدل لهما صاحبه بحديث ‏(‏إذا نام العبد في سجوده‏)‏ ولعل سائر هيئات المصلي مقاسة على السجود‏.‏

‏[‏المذهب الثامن‏]‏ أنه إذا نام جالسًا ممكنًا مقعدته من الأرض لم ينقض سواء قل أو كثر وسواء كان في الصلاة أو خارجها قال النووي‏:‏ وهذا مذهب الشافعي‏.‏ وعنده أن النوم ليس حدثًا في نفسه وإنما هو دليل على خروج الريح ودليل هذا القول حديث علي وابن عباس ومعاوية وستأتي‏.‏ وهذا أقرب المذاهب عندي وبه يجمع بين الأدلة‏.‏

وقوله إن النوم ليس حدثًا في نفسه هو الظاهر‏.‏ وحديث الباب وإن أشعر بأنه من الأحداث باعتبار اقترانه بما هو حدث بالإجماع فلا يخفى ضعف دلالة الاقتران وسقوطها عن الاعتبار عند أئمة الأصول والتصريح بأن النوم مظنة استطلاق الوكاء كما في حديث معاوية واسترخاء المفاصل كما في حديث ابن عباس مشعر أتم إشعار بنفي كونه حدثًا في نفسه‏.‏

وحديث إن الصحابة كانوا على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون من المؤيدات لذلك ويبعد جهل الجميع منهم كونه ناقضًا‏.‏

والحاصل أن الأحاديث المطلقة في النوم تحمل على المقيدة بالاضطجاع وقد جاء في بعض الروايات بلفظ الحصر والمقال الذي فيه منجبر بما له من الطرق والشواهد وسيأتي‏.‏

ومن المؤيدات لهذا الجمع حديث ابن عباس الآتي بلفظ‏:‏ ‏(‏فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني‏)‏ وحديث ‏(‏إذا نام العبد في صلاته باهى اللَّه به ملائكته‏)‏ أخرجه الدارقطني وابن شاهين من حديث أبي هريرة‏.‏ والبيهقي من حديث أنس‏.‏ وابن شاهين أيضًا من حديث أبي سعيد وفي جميع طرقه مقال‏.‏ وحديث ‏(‏من استحق النوم وجب عليه الوضوء‏)‏ عند البيهقي من حديث أبي هريرة بإسناد صحيح ولكنه قال البيهقي‏:‏ روي ذلك مرفوعًا ولا يصح‏.‏ وقال الدارقطني‏:‏ وقفه أصح وقد فسر استحقاق النوم بوضع الجنب‏.‏

‏[‏فائدة‏]‏ قال النووي في شرح مسلم بعد أن ساق الأقوال الثمانية التي أسلفناها ما لفظه‏:‏ واتفقوا على أن زوال العقل بالجنون والإغماء والسكر بالخمر أو النبيذ أو البنج أو الدواء ينقض الوضوء سواء قل أو كثر وسواء كان ممكن المقعدة أو غير ممكنها انتهى‏.‏ وفي البحر أن السكر كالجنون عند الأكثر وعند المسعودي أنه غير ناقض إن لم يغش‏.‏

‏[‏فائدة أخرى‏]‏ قال النووي في شرح مسلم‏:‏ قال أصحابنا وكان من خصائص رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم أنه لا ينتقض وضوءه بالنوم مضطجعًا للحديث الصحيح عن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏نام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم حتى سمعت غطيطه ثم صلى ولم يتوضأ‏)‏ انتهى‏.‏ وفيه أنه أخرج الترمذي من حديث أنس‏:‏ ‏(‏لقد رأيت أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوقظون للصلاة حتى إني لأسمع لأحدهم غطيطًا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون‏)‏ وفي لفظ أبي داود زيادة على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وسيأتي الكلام عليه‏.‏

2- وعن علي رضي اللَّه عنه قال‏:‏ ‏(‏قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏:‏ العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه‏.‏

3- وعن معاوية قال‏:‏ ‏(‏قال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم العين وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء‏)‏‏.‏

رواه أحمد والدارقطني‏.‏ السه اسم لحلقة الدبر‏.‏ وسئل أحمد عن حديث علي ومعاوية في ذلك فقال‏:‏ حديث علي أثبت وأقوى‏.‏

أما حديث علي فأخرجه أيضًا الدارقطني وهو عند الجميع من رواية بقية عن الوضين بن عطاء قال الجوزجاني‏:‏ واه وأنكر عليه هذا الحديث عن محفوظ بن علقمة وهو ثقة عن عبد الرحمن بن عائذ وهو تابعي ثقة معروف عن علي لكن قال أبو زرعة‏:‏ لم يسمع منه‏.‏

قال الحافظ‏:‏ وفي هذا النفي نظر لأنه يروى عن عمر كما جزم به البخاري‏.‏

وأما حديث معاوية فأخرجه أيضًا الدارقطني والبيهقي وفي إسناده بقية عن أبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف وقد ضعف الحديثين أبو حاتم وحسن المنذري وابن الصلاح والنووي حديث علي‏.‏

قوله ‏(‏وكاء السه‏)‏ الوكاء بكسر الواو الخيط الذي يربط به الخريطة‏.‏ والسه بفتح السين المهملة وكسر الهاء المخففة الدبر‏.‏ والمعنى اليقظة وكاء الدبر أي حافظة ما فيه من الخروج لأنه ما دام مستيقظًا أحس بما يخرج منه والحديثان يدلان على أن النوم مظنة للنقض لا أنه بنفسه ناقض‏.‏ وقد تقدم الكلام على ذلك في الذي قبله‏.‏

4- وعن ابن عباس قال‏:‏ ‏(‏بت عند خالتي ميمونة فقام رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقمت إلى جنبه الأيسر فأخذ بيدي فجعلني من شقه الأيمن فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني قال‏:‏ فصلى إحدى عشرة ركعة‏)‏‏.‏

رواه مسلم‏.‏

هذا طرف من حديث ابن عباس وقد اتفق الشيخان على إخراجه وفيه فوائد وأحكام ليس هذا محل بسطها ‏[‏ذكرها رحمه اللَّه في باب انعقاد الجماعة باثنين أحدهما صبي الخ واللَّه أعلم‏]‏‏.‏

قوله ‏(‏إذا أغفيت‏)‏ الإغفاء النوم أو النعاس ذكر معناه في القاموس وفي الحديث دلالة على أن النوم اليسير حال الصلاة غير ناقض وقد تقدم الكلام على ذلك‏.‏

5- وعن أنس قال‏:‏ ‏(‏كان أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون‏)‏‏.‏

رواه أبو داود‏.‏

الحديث أخرجه أيضًا الشافعي في الأم ومسلم والترمذي قال أبو داود‏:‏ زاد شعبة عن قتادة على عهد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم‏.‏ ولفظ الترمذي من طريق شعبة ‏(‏لقد رأيت أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم يوقظون للصلاة حتى أني لأسمع لأحدهم غطيطًا يقومون فيصلون ولا يتوضئون‏)‏ قال ابن المبارك‏:‏ هذا عندنا وهم جلوس قال البيهقي‏:‏ وعلى هذا حمله عبد الرحمن بن مهدي والشافعي‏.‏ وقال ابن القطان‏:‏ هذا الحديث سياقه في مسلم يحتمل أن ينزل على نوم الجالس وعلى ذلك نزله أكثر الناس لكن فيه زيادة تمنع من ذلك رواها يحيى بن القطان عن شعبة عن قتادة عن أنس قال‏:‏ ‏(‏إن أصحاب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة‏)‏‏.‏

وقال ابن دقيق العيد‏:‏ يحمل على النوم الخفيف لكن يعارضه رواية الترمذي التي ذكر فيها الغطيط‏.‏ وقد رواه أحمد من طريق يحيى القطان والترمذي عن بندار بدون يضعون جنوبهم‏.‏ وأخرجه بتلك الزيادة البيهقي والبزار والخلال‏.‏

قوله ‏(‏تخفق رؤوسهم‏)‏ في القاموس خفق فلان حرك رأسه إذا نعس‏.‏

والحديث يدل على أن يسير النوم لا ينقض الوضوء إن ثبت التقرير لهم على ذلك من النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم وقد تقدم الكلام في الخلاف في ذلك‏.‏

6- وعن يزيد بن عبد الرحمن عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس‏:‏ ‏(‏أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قال‏:‏ ليس على من نام ساجدًا وضوء حتى يضطجع فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏ ويزيد هو الدالاني قال أحمد‏:‏ لا بأس به قلت‏:‏ وقد ضعف بعضهم حديث الدالاني هذا لإرساله‏.‏ قال شعبة‏:‏ إنما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث فذكرها وليس هذا منها‏.‏

الحديث أخرجه أيضًا أبو داود والترمذي والدارقطني بلفظ‏:‏ ‏(‏لا وضوء على من نام قاعدًا إنما الوضوء على من نام مضطجعًا فإن من نام مضطجعًا استرخت مفاصله‏)‏ وأخرجه البيهقي بلفظ‏:‏ ‏(‏لا يجب الوضوء على من نام جالسًا أو قائمًا أو ساجدًا حتى يضع جنبه‏)‏ ومداره على يزيد أبي خالد الدالاني وعليه اختلف في ألفاظه وضعف الحديث من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في العلل المفردة وضعفه أيضًا أبو داود في السنن وإبراهيم الحربي في علله والترمذي وغيرهم‏.‏

قال البيهقي في الخلافيات‏:‏ تفرد به خالد الدالاتي وأنكره عليه جميع أئمة الحديث وقال في السنن‏:‏ أنكره عليه جميع الحفاظ وأنكروا سماعه من قتادة‏.‏ وقال الترمذي‏:‏ رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس من قوله ولم يذكر أبا العالية ولم يرفعه ويزيد الدالاني هذا الذي ضعف الحديث به وثقه أبو حاتم وقال النسائي‏:‏ ليس به بأس‏.‏ وكذلك قال أحمد كما حكاه المصنف‏.‏

وقال ابن عدي‏:‏ في حديثه لين وأفرط ابن حبان فقال‏:‏ لا يجوز الاحتجاج به‏.‏ وقال الذهبي في المغني‏:‏ مشهور حسن الحديث‏.‏ وروى ابن عدي في الكامل من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده حديث ‏(‏لا وضوء على من نام قائمًا أو راكعًا‏)‏ وفيه مهدي بن هلال وهو متهم بوضع الحديث‏.‏

ومن رواية عمر بن هارون البلخي وهو متروك‏.‏ ومن رواية مقاتل بن سليمان وهو متهم‏.‏ ورواه البيهقي من حديث حذيفة بلفظ‏:‏ ‏(‏قال‏:‏ كنت في مسجد المدينة جالسًا أخفق فاحتضنني رجل من خلفي فالتفت فإذا أنا برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فقلت‏:‏ هل وجب علي الوضوء يا رسول اللَّه فقال‏:‏ لا حتى تضع جنبك‏)‏ قال البيهقي‏:‏ تفرد به بحر بن كنيز وهو متروك لا يحتج به‏.‏

وروى البيهقي من طريق يزيد بن قسيط عن أبي هريرة أنه سمعه يقول‏:‏ ‏(‏ليس على المحتبي النائم ولا على القائم النائم وضوء حتى يضطجع فإذا اضطجع توضأ‏)‏ قال الحافظ‏:‏ إسناده جيد وهو موقوف‏.‏

والحديث يدل على أن النوم لا يكون ناقضًا إلا في حالة الاضطجاع وقد سلف أنه الراجح‏.‏